المعتصم_بالله_العباسي
- تولى المعتصم بالله الخلافة من رجب 218 هـ حتى ربيع الأول 227هـ، وعمره تسعة وثلاثون عامًا، وتمت البيعة للمعتصم ببلاد الروم فعاد بالجند إلى بغداد.
- صفات المعتصم بالله :
كان المعتصم ذا شجاعة وقوة وهمة يحب الشجعان، قوته خارقة هائلة يحمل أرطالاً تعجز عنها الرجال ويمشي خطوات، ويثني الحديد مرات بعد عجز الأبطال عنه،....
يقول وزيره أحمد بن أبي دؤاد: كان المعتصم يخرج ساعده إلي ويقول: يا أبا عبد الله عض ساعدي بأكثر قوتك، فأقول: والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك.
فيقول: إنه لا يضرني، فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلاً عن الأسنان. وكان مع ذلك شفوقًا غير أنه إذا غضب لا يبالي من قتل.
وكان يقول عن نفسه: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب، لحب أمير المؤمنين لي، وميلي إلى اللعب وأنا حدث، فلم أنل ما نالوا...
وسبب ذلك أنه كان مع المعتصم غلام في الكُتاَّب يتعلم معه، فمات الغلام، فقال له الرشيد: يا محمد مات غلامك. فقال: نعم يا سيدي واستراح من الكُتاَّب.
قال الرشيد: وإن الكُتَّاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟! دعوه حيث انتهى لا تعلموه شيئًا ولذلك ورد أنه (كان يكتب كتابة ضعيفة ويقرأ قراءة ضعيفة).
- وصية المأمون للمعتصم :
وكانت وصية المأمون للمعتصم: (احمل الناس على القول بخلق القرآن، والخرمية فاغزهم بقوة وحزم وجلد، واحشد لهم الأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة، فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك من أنصارك وأوليائك، واعمل في ذلك عمل مقدم النية فيه، راجيًا ثواب الله عليه)؛ لذلك انصبت جهود المعتصم، وأموال الخلافة على القضاء على حركة بابك.
- جهاده ضد الخرمية
كان بابك من أبطال زمانه وشجعانهم، عاث في البلاد وأفسد وأخاف الإسلام وأهله وغلب على أذربيجان وغيرها وأراد أن يقيم ملة المجوس، وادعى الألوهية وأراد تحويل المُلك من العرب المسلمين إلى الفرس، فأثار ومن تبعه حربًا شعواء على الإسلام والعرب.
فأرسل المعتصم الأفشين أعظم قواده حينئذ لمقاتلة بابك والقضاء عليه.. بيد أن الأمر قد طال رغم أن المعتصم أنفق على هذه الحرب الكثير، وأقام المعتصم البريد على مسافات قريبة ليأتيه خبر المعركة كل يوم وكان جميع من قَتَل بابك في عشرين سنة 250000 إنسان. وكانت نهايته في هذه المعركة.
{ #فتح_عمورية…
#الله_أكبر كم في الفتح من عجب }
- كان بابك قد كتب إلى حليفه تيوفيل ملك الروم، عندما ضيق عليه الأفشين، يستنصره ويقول له إن الفرصة مهيأة للانتصار على المسلمين..
- تأخر ملك الروم في التحرك فلم يتحرك إلا بعد ما قتل بابك..
- فتحرك ملك الروم سنة 223 هـ وانقض على مدينة زِبَطرة وأعمل فيها السيف، وقتل الصغير والكبير وسبى النساء بعد ذبح أطفالهن.
- وفي ابن خلدون: وبلغ الخبر إلى المعتصم فاستعظمه، وبلغه أن هاشمية صاحت وهي في أيدي الروم: وامعتصماه، فأجاب وهو على سريره: لبيك لبيك، ونادى بالنفير العام ونهض من ساعته.
- خريطة فتح عمورية وعندما سار المعتصم باتجاه الثغور لتأديب تيوفيل تساءل قائلاً: أي بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل: عمورية، لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الإسلام، وهي أصل النصرانية وهي أشرف من القسطنطينية فسار باتجاهها بجهاز عظيم من السلاح والعدد وآلات الحصار والنفط ودارت المعركة بقيادة المعتصم وبعد حصار دام 55 يومًا، من سادس رمضان إلى أواخر شوال سنة 223 هـ. ودك عمورية واستنقذ المرأة الهاشمية.
وأنشد بعدها أبو تمام قصيدته المشهورة في وصف المعركة وملابساتها:
السيفُ أصدق أنباءً من الكتب *** في حدِّه الحد بين الجد واللعب
وكان عدد جيش المسلمين 15 ألف فارس، وجيش الروم 200 ألف.
- المعتصم واعتماده على العنصر التركي :
المئذنة الملوية في سامراء والتي بناها الخليفة المعتصم لما جاء المعتصم ورأى أن من ببغداد من جنود لا يوثق بهم، لكثرة اضطرابهم وقيامهم على الخلفاء ورأى للأتراك من شدة البأس والنجدة فأراد أن يكون منهم جيشًا...
فاستكثر من غلمان الأتراك وأحضر منهم عددًا عظيمًا فوق ما كان منهم في عهد المأمون وأسكنهم بغداد وكان هؤلاء القوم عُجمًا جفاة يركبون الدواب فيركضون في طرقات بغداد وشوارعها فيصدمون الرجل والمرأة والصبي فيقف لهم الجند من العرب ويجرحونهم...
حتى اشتكى الأتراك إلى المعتصم وتأذت العامة.. فاختط لهم مدينة تكون لهم معسكرًا سماها (سر من رأى) سامراء حاليًا، سكنها المعتصم مع العسكر.. وهي منطقة متميزة من بغداد..
وكان من قواده الذين يعتمد عليهم: الأفشين حيدر بن كاوس، وهو تركي من أشروسنة، ومنهم إيتاخ وأشناس وعجيف بن عنبسة ووصيف وبغا الكبير أبو موسى، وغيرهم...
كل هؤلاء القواد من الأتراك اختارهم المعتصم لشجاعتهم وسلَّمهم زمام ملك آبائه العرب، وأزال العرب عن قيادة الجيوش، وأسقط أسماءهم من الدواوين واعتز بهؤلاء المجلوبين، فجعل بذلك بنيه تحت سلطان هؤلاء الغلف قلوبهم، يتصرفون فيهم كما يشاءون ولم يكن لهم أنساب معروفة. حتى قال المؤرخون: "إن المعتصم وحده يتحمل تبعة أكثر ما حل بالعباسيين من بعده من اضطراب أمرهم وضعف سلطانهم وما حل بالأمة العربية من غلبة هؤلاء على الأمر. لم يكن الرجل بعيد النظر في العواقب، وإنما كان شجاعًا جسورًا يحب الشجعان ويعتز بهم مهما كان شأنهم، سواء كانت لهم أحساب يحمونها أم ليست لهم أحساب وسواء كان يهمهم شأن الدولة وبقاؤها أم لا؟".
يروى أن أهل بغداد اشتكوا إلى المعتصم إساءة غلمان الأتراك وقالوا له: تحول عنا وإلا قاتلناك، قال: وكيف تقاتلوني وفي عسكري ثمانون ألف دارع!
قالوا: نقاتلك بسهام الليل، وسهام الأسحار، فقال: لا طاقة لي بذلك.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ.
تعليقات
إرسال تعليق