سيدنا موسى والخضر


كتير بتحصل مصيبة ونغضب ونثور ونسأل ليه ده حصل..
كتير بنبغض القدر وأحكامه ونقول إن اللي بيحصل ده لا يمكن يكون خير..
وبنشوف كل حاجة من خارجها من غير ما نعرف داخلها، وأحيانًا مع مرور الزمن بنعرف إنه كان خير كبير، ولكن كتير بتكون حكمة ربنا مخبأة بعيد عن أعيننا احنا البشر!

ما تيجوا نعرف مع بعض القدر ممكن يعمل إيه في الإنسان ويكون في ظاهره شر ولكن أصله خير، علشان دايمًا نحمد ربنا على كل شيء!

في يوم من الأيام سيدنا (موسى) كان بيلقي خطبة على بني إسرائيل، ومن الواضح إن خطبته كانت كاملة متكاملة لدرجة إن فيه شخص سأله:
- هل على وجه الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟

سيدنا (موسى) كان كليم الله، بيسمع صوته ويكلمه، صاحب المعجزات الكتير، اختصه ربنا بالتوراة، وميزه هو وقومه للتثبيت وزرع اليقين، فكان من البديهي بعد كل ده تكون إجابته إن مفيش حد أعلم منه، وفعلًا دي كانت إجابته، فرد على الشخص بكلمة واحدة هي "لا."..
وقتها سيدنا (موسى) كان أعلم من في قومه، ولكنه ماكنش أعلم شخص في العالم.

بعد الخطبة واختلاءه بنفسه، ربنا أوحى له إن فيه عبد أعلم منه عايش في مجمع البحرين {نقطة التقاء البحرين}..
سيدنا (موسى) أدرك إنه اتسرع في إجابته، ولما عرف إن فيه شخص أعلم منه قرر يسافر لمكانه ويستزيد من علمه..
فسأل ربنا ازاي هيقابله، فأوحى له إنه ياخد معاه حوت (بمعنى سمكة كبيرة) ولما يفقدها يعرف إنه وصل للمكان المطلوب..
فخد معاه سمكة مشوية وسابها مع الغلام اللي بيساعده (يوشع) ابن (نون)، وأكد عليه يخلي باله منها ولو ضاعت منه يقوله فورًا.. ومن هنا بدأت رحلة سيدنا (موسى) لطلب العلم.

(يوشع) هو فتى (موسى)، يُقال ابن أخته، ويُقال كان خادمه، ويُقال كان بيلازمه ليستفيد من علمه.

وصلوا عند صخرة وقرروا يستريحوا، ناموا ولما فاقوا السمكة كانت اختفت، ربنا أحياها واتحركت ودخلت البحر، (ويُقال إن سبب إحياء الحوت إنهم كانوا نايمين جنب عين اسمها عين الحياة، بتحيي كل شيء يلمسها بإذن الله).. وممكن يكون ربنا رد فيها الروح بكن فيكون وده الرأي الأرجح والله أعلم..

اتحرك الحوت وقفز في المياه، وكل ما كان بيتحرك في المياه كان بيسيب وراه أثر، يُقال إن الآثار دي كانت بتحول المياه لصخر علشان تكون دليل سيدنا (موسى) لما يرجع، ويُقال إنها طريق، ويُقال إن كل ما السمكة كانت بتلمس المياه الموج كان بيُقف عندها وبتبقى ثابتة.. والله أعلم (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربًا) سورة الكهف..

اتحرك الحوت لحظة إفاقة (يوشع) من نومه علشان يشوفه بيجري بعيد، وقتها ماقلش لسيدنا (موسى) علشان ميزعجوش وقت نومه، ولما فاق سيدنا (موسى) نسي يقوله فكملوا طريقهم عادي..
وفي اليوم التاني قاله (موسى) إنه جعان علشان يخرج من حقيبته أكل ياكلوه، هنا افتكر (يوشع) اللي حصل فقاله وهو مستغرب ازاي دبت الروح في الحوت وازاي نسي حاجة عجيبة زي دي رغم غرابتها، (قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبًا) سورة الكهف..
أول ما سيدنا (موسى) عرف رجعوا بسرعة لحد ما وصلوا لمكان الحوت، وفضلوا ماشيين على أثره لحد ما وصلوا للعبد الصالح اللي هو أعلم من سيدنا (موسى).

اسم العبد ماتذكرش في القرآن، اتذكر علمه بس، ولكن السنة أشارت عن اسمه بـ(الخضر) كما في الأحاديث الصحيحة، وسبب تسميته بـ(الخضر) حسب ما ذكر أبو هريرة عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء) صحيح البخاري.

فيه علماء بيقولوا إنه كان نبي، وعلماء بيقولوا إنه كان والي، وعلماء بيقولوا إنه كان عبد صالح اختصه الله بعلم باطن، وعلماء بيقولوا إنه القدر متجسد في هيئة بشر.. والله أعلى وأعلم.

سيدنا (موسى) عرفه بنفسه، (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدًا) سورة الكهف.. طلب منه يفضل معاه فترة من الزمن علشان يتعلم منه، فرد عليه (الخضر): لا أنصحك بذلك، فلن تصبر على ما ستراه مني، ذلك لأنني أمتلك علمًا لا تعلمه وأنتَ تمتلك علمًا لا أعلمه، (قال إنك لن تستطيع معي صبرًا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا) سورة الكهف.. سيدنا (الخضر) كان عنده علم باطن بيظهر من بره إنه منكر، ولكنه خير، على عكس سيدنا (موسى) كان بيمتلك الشريعة اللي بتحكم أكتر بالظواهر، فالخطأ خطأ لا يُجزأ.. يبقى ازاي هيصبر عليه؟؟

أصر سيدنا (موسى) على طلبه، (قال ستجدني إن شاء الله صابرًا ولا أعصي لك أمرًا) سورة الكهف.. وافق (الخضر) بشرط إن (موسى) مايسألوش عن أي حاجة يعملها إلا إذا هو بنفسه قاله عنها في الوقت المناسب، وقاله ليك الاختيار، (قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرًا) سورة الكهف..
وافق سيدنا (موسى)، أما عن (يوشع) فيُقال إن (موسى) قاله يرجع لقومه، ويُقال إنه كان معاهم ولكن القرآن مذكرش عنه شيء لأنه تابع لـ(موسى) والله أعلم.

بدأت الرحلة، وأولها إنهم كانوا ماشيين على ساحل البحر، فشافوا سفينة، طلبوا من اللي عليها إنهم يركبوا معاهم فوافقوا من غير أجر لأنهم يعرفوا (الخضر)، وبعد ما اتحركت السفينة اتخفى (الخضر) وقام بخرقها، ويُقال الخرق كان عن طريق إنه خلع لوح من ألواحها..
سيدنا (موسى) أول ما شافه اتصدم واتفزع وماقدرش يسكت، قاله إنتَ اتسببت في مصيبة كبيرة، إنتَ خرقتها علشان تغرق الناس؟!  (فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا) سورة الكهف..
هنا فكره (الخضر) بشرطه، (قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرًا) سورة الكهف.. (موسى) اعتذر على الفور، وقاله أنه نسي..
السفينة وقتها ماغرقتش، يُقال إن سيدنا (موسى) سد الخرق بملابسه، ويُقال إن (الخضر) هو اللي عالجه بطريقة ما وده الاحتمال الأكبر.

نزلوا من السفينة ومشيوا مكملين رحلتهم فشافوا أطفال بيلعبوا، (الخضر) خد طفل منهم بالحيلة واتحرك بيه بعيد وبعدين قتله، هنا الخطأ كان أعظم واتصدم (موسى) صدمة قاتلة، فمقدرش يسكت وقاله إنتَ بتقتل طفل برئ دون وجه حق؟! (فانطلقا حتى إذا لقيا غلامًا فقتله قال أقتلت نفسًا زكية بغير نفس لقد جئت شيئًا نكرًا) سورة الكهف..
فرد عليه (الخضر) بنفس الرد السابق، (قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا) سورة الكهف..
اتحرج سيدنا (موسى) من تكرار خطأه، فحكم على نفسه إنه لو كرر اعتراضه يكون فراق بينهم وبين بعض، (قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا) سورة الكهف..

انتهى الموقف ومشيوا مع بعض لحد ما وصلوا لبلد وطلبوا من أهلها يضايفوهم باعتبارهم عابرا سبيل، لكن أهل القرية رفضوا وأعرضوا وبخلوا حق الضيافة، فكملوا السير معًا لحد ما وقف (الخضر) جنب جدار آيل للسقوط، فبناه (الخضر) ورممه.. يُقال إنه حطمه وبعدين بناه من جديد، ويُقال إنه لمسه بإيده فاستقام بأمر الله.. اتعجب سيدنا (موسى) من اللي عمله، وقاله إن أهل القرية رفضوا يطعمونا والأكل بتاعنا خلص، وإنتَ بتساعدهم في إنك تبني لهم جدار، كان الواجب إننا نتفق مع أصحاب الجدار وناخد منهم أجر نجيب بيه أكل، (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرًا) سورة الكهف..
وبكده يكون اعتراض (موسى) الأخير، فقاله (الخضر): هذا فراق بيني وبينك ولكنني سأحكي لك عن حكمة كل شيء فعلته وأنت لم تصبر معي، (قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا) سورة الكهف..

فبدأ بالسفينة: قاله إن صحابها مساكين مايستحقوش الأذية، وفي نفس الوقت ضعفاء مايقدروش يدافعوا عن حقوقهم، (والواضح إنه ماكنش لهم باب رزق إلا سفينتهم)..
وقاله إن هيقابلهم ملك ظالم بيصطاد السفن ويشوفها، لو كانت كاملة ومش معيوبة بياخدها غصب من أصحابها، وعلشان كده قام بخرقها، (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا) سورة الكهف.

أما الطفل: فكان أبوه وأمه مؤمنين أتقياء وهو ماكنش مؤمن، ولو كبر كان هيبقى كافر وهما مايستحقوش ده، وحبهم ليه كان ممكن يأثر على إيمانهم ويكفروا، وبكده وجوده فتنة كبيرة ليهم في دينهم اللي هو أغلى من أي شيء تاني، وفي صالحهم إنهم يفقدوه وهو صغير قبل ما يكبر، (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانًا وكفرًا) سورة الكهف..
في حين إن ربنا مش هينساهم وهيعوضهم بطفل تاني هيكون قرة عين ليهم، يرحمهم ويعينهم ويقويهم على دنياهم، (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرًا منه زكاة وأقرب رحمًا) سورة الكهف..
قيل إن الأم كانت حامل في طفل تاني وقت قتل (الخضر) لابنها، وقيل إن كان لهم بنت ولما كبرت أنجبت نبي أو أنبياء، فاهتدت أمه كاملة على إيد الأبوين فكان أجرهم مضاعف.

أما الجدار: فكان ملك لطفلين يتيمين، أبوهم كان راجل صالح واتوفى وهمَ صغيرين، فحفظ الله أبناءه بعد وفاته، والجدار كان مدفون تحته كنز، ولو سقط الكنز هيتكشف وهمَ لسه صغيرين، وبالتالي كان هياخده أهل القرية أو قرايبهم، فكانت الرحمة الربانية إن يبعث الله لهم نبيين من المسافة البعيدة دي علشان يبنوا الجدار، لحد ما يكبروا ويخرجوا الكنز ويقدروا يدافعوا عنه، (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحًا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك) سورة الكهف.

ختم سيدنا (الخضر) كلامه بتبرئة نفسه بإن اللي عمله مش اجتهاد منه، أو عن رأي شخصي منه، إنما كانت أوامر ربانية، (وما فعلته عن أمري) سورة الكهف..
وده تفسير وتأويل المواقف التلاتة اللي مقدرش يصبر عليها سيدنا (موسى) بسبب علمه الظاهر وهي مختصة بالعلم الباطن، (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا) سورة الكهف.

-

وآخرًا كلها اجتهادات من العلماء في تفسير كتاب الله، والله أعلى وأعلم بصحتها.

- لو وصلت لحد هنا هتعرف إن القصة انتهت، ولو مهتم باللي جاي تابعني واعمل (شاهد أولًا)،
ويا ريت متنساش الشير والتفاعل وكمان اعمل منشن لصديق ليك يقرأ معاك واكسب ثواب ❤
ولو عندكم أي اقتراح لحاجة معينة عاوزيني اتكلم فيها تحت امركم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجراد_القاتل_التتار الجزء الثالث

أهم صفات الخوارج التي ذكرها النبي ﷺ

حصار عكا 1799